الأرمن المنسيون ... مقالة عن الأرمن اللذين تم تغير دينهم أو قوميتهم لظروف معينة قاسية في الفترة التي تلت الإبادة الجماعية الأرمنية .
الشعب الأرمني شعب عظيم لأنه شعب الله الذي اعتنق الإيمان المسيحي كدين رسمي للدولة منذ سنة 301 للميلاد علي يد القديس كريكور المنور ليسبق بذلك روما قرابة الـ 40 سنة. والأرمن من الشعوب المتمدنة والعريقة حيث أن مملكة أرمينيا التاريخية كانت تمتد جغرافيا من جبال القوقاز شمالا إلى مصر الفرعونية جنوبا ومن البحر السوري المتوسط غربا إلى الهضبة الإيرانية شرقا.. ولأنه مارس المحبة المسيحية منذ إعتناقه المسيحية فقد أبدع هذا الشعب في شتى المجالات من طب وصناعة وصيرفة وغيرها من المجالات الحيوية. ولكن، وفي وهلة من الزمن ظهر غدر الأتراك العثمانيين المتمثل بإبادة ثلثي الشعب الأرمني فأرتكب بحقه أفظع الجرائم من قتل واغتصاب وخطف وغيرها من أشنع الأعمال اللاإنسانية. ومن هنا بدأت الحكاية.. حكاية شعب كان ضحية بين شعوب لاتعرف التمدن فدٌفع بأجدادنا إلى السوقيات التي رافقتها عمليات قتل منظمة ومخططة مسبقا من قبل الحكومة العثمانية... أرادوا أن يفنوهم بعد تحويلهم إلى عبيد.. ولكن هيهات أن ينقلب الحر عبيدا. وجود الأرمن في أماكن غريبة عنهم بعد أن استولى عليهم الآخرون وهم صغار لتشغيلهم كعبيد في كثير من الآحيان لم يجعلهم أقل أرمنية من نظرائهم ممن كتب لأجدادهم النجاة من الإبادة والتتريك. بل أشتد إصرار هؤلاء الأرمن على التمسك بأصلهم الأرمني لأن الدم الأرمني يجري في عروقهم وينتمون أصلا إلى عائلات عريقة وربما من حسن حظهم أنهم تواجدوا في مجتمعات قبلية متخلفة تقدس النسب وترفض الآخر المختلف عنه في العرق والدين وبمجرد معرفتهم بإنتمائه إلى الأمة الأرمنية يعتبرونه ويتعاملون معه على أنه نصراني رغم ابتعاده فعليا عن الإنجيل بعد أن ولد مسلما لأن والده وجده أجبر على إعتناق الإسلام مذهبا والتركي أو العربية عرقا. غالبية هؤلاء الأرمن ممن نتحدث عنهم في صفحتنا هذه عاشوا الحرمان والاضهاد إلا أنهم كانوا أغنياء في الأصل وعرفوا أهمية الإقتصاد في الجيل الأول ولكن ترك هؤلا الأرمن بين الشعوب الأخرى دون إهتمام حقيقي من قبل السلطات والمنظمات الأرمنية المعنية يعني إرتكاب إبادة أخرى بحقهم.. وهذه الإبادة أو الفرمان كما اعتادت شعوب المنطقة العربية على تسميتها يتحمل مسؤليتها هذه المرة كل مواطن أرمني في أرمينيا كما في المهجر وكل أرمني من القيادات الروحية والاجتماعية والسياسية. هؤلاء الأرمن نبلاء بكل ما للكلمة من معنى وهم ينتظرون مننا جميعا الدعم والتشجيع.. وطبعا عددهم ليس بقليل، فهم يتواجدون بين العرب والأكراد وعلى مساحات شاسعة من سوريا والعراق.. يعتزون بأصلهم ومستعدون لتقديم كل غال ونفيس من أجل أمتهم.. فرغم أنهم يعيشون في مجتمعات غريبة إلا أنهم يحلمون بالعودة إلى العائلة الأرمنية الكبرى.. يحلمون بها عشرات المرات يوميا.. ولكن من قال أنهم خارج هذه العائلة؟ و نحن من هذا المنبر نقول لهم أننا معكم قلباً و قالباً ولن نرفضكم من بيننا بل على العكس أنتم تحملون جبروتاً ربما أكثر من غيركم لإنكم تمكنتم من كسر الجدار الذي كان يحيط بكم من كل جانب، جدار الدين تارة و جدار العرق و القومية المكتسبة تارة ، وجدار العشائرية تارة أخرى . نعم تمكنتم من تحطيم تلك القيود التي فرضت على أجدادكم و من ثم تم لفلفتها على أعناق أبائكم و اللذين بدورهم اورثوكم هذا العبء الثقيل الذي اتعب كاهلكم و جعلكم تتأرجحون بين الحينة و الأخرى على جنبات و مفترق الطرق ، لكن لم يترككم الله لذلك أضاف في نفوسكم قوة جعل من بنيانكم أشد صلابة و من تفكيركم اكثر نضجا أللذان أعاناكما في إختياركما الطريق الذي إخترتموه لتخلعوا ثوب الذل اللذي تم تحميلكم أياه ، نعم يا إخوتنا الأرمن نحن نتقبلكم بيننا و نحن بستعداد لمساعتكم بكل ما لدينا من قوة لإن معزتكم من معزة أولائك اللذين قتلوا بدون ذنب قتلوا فقط لإنهم أرمن و نحن عندما نفتح ذراعينا لمعانقتكم نقوم بنفس المهمة التي قام بها ذلك الشجاع الذي أنقذ أحد المذيوحين . و نعانقكم في حضن العائلة الواحدة لإنكم أبناء العائلة . نعم أنتم أرمن و بإمكانكم ان تفتخروا بقوميتكم رغم الشعور بالغربة في داخلكم لكن كن على يقين أن ذلك الشعور سيريح أبنائك و احفادك لإنهم لن يعشوا الألم الذي ما عاشه جدك و أباك و أنت ، بخطوتكم هذه تنقذون أجيالاً من الضياع . و في النهاية نقول لكل أرمني مازال يعيش في بدلة قومية مكتسبة آخرى ، مثل العربية أو الكردية او التركية ( أي تلك القوميات التي فرضت عل أجدادنا في حقبة المذابح ) نقول لهم إخلعوا تلك الثوب الذي فرض عليكم و لن يصح إلا الصحيح و الصحيح هو ان الظفر لن يخرج من اللحم و الدم يبقى دم و لن يتحول إلى ماء مهما طال الزمن من إندثار في مجتمع آخر ... صفحة القضية الأرمنية ...
إرسال تعليق